لكنَّني يومًا فقدتُ تَوازُني خالَفتُ قلبي فيكَ لَمَّا قادَني عَقلي الغَبيْ والآنَ أسدلْتُ الستارَ على جَميعِ تَجاربي ورَجَعتُ تائبةً ودمعي حَائرٌ في مُقلتي.. وأصبحَ نبعَ هذا الماء. اقبَلْ دُموعَ تَوسُّلي وكَفَى بأنَّ العمرَ دارَ وجارَتِ الدنيا عَلَيْ، فأجبتُها : كم كنتُ أرغبُ أن أعودْ لكنني في العشقِ قلبٌ لَم أكنْ أبدًا رسولاً أو نَبيْ بَشَرٌ أنا وكرامَتي فوقَ اشتياقِكِ، فوقَ حُبِّكِ، فوقَ ما أعطيتِ لِيْ ولذا أقولُ بكلِّ حُزنٍ مُستحيلٌ أنْ تَعودي مَرَّةً أُخرَى إلَيْ.
- مِن هذا الجُحرْ أتَذكَّرُ أمسْ لَدَغتْكَ الحيَّةْ فلماذا اليومَ تَمُدُّ يديكَ بحُسنِ النيَّةْ أ تُراكَ نَسيتَ االأمس؟ أمْ أنَّكَ ما استوعبْتَ الدرسْ؟ أعداؤكَ عَادُوا يا وَطني عادَ الرومانُ ، وعادَ الفُرسْ وأراهُم يقتَسمونَ الآنْ وأرانا لا نتَكلَّمُ ( هُسْ ) جَدِّدْ حُكامَكَ يا وطني حُكامُكَ فاتوا سِنَّ اليأسْ واضربْ بِعصاكَ الأرضَ "كَموسَى" أخرِجْ مِن طينِكَ أهلَ البأسْ حكَّامًا لا يَخشَونَ "أمريكا" حكامًا لا يَحنونَ الرأسْ يَحمونَ ضِعافًا في "البوسنَةْ" يَمشونَ ذِراعًا نحوَ القُدسْ جَدِّدْ حُكامَكَ يا وطني وارحمْنا مِن زمنِ الترهيبْ زمنِ التعذيبِ ، وزمنِ الحَبسْ هل يُعقَلُ يا وطني المجنونْ أن يمضيَ قرنٌ وبنفسِ الماءِ يدورُ الكأسْ ؟ حُكامُكَ نفسُ الحكامْ مِن عهدِ "تَميمَ" ، و"هِندَ" ، و"عَبسْ" في أيِّ زَمانٍ نحنُ نَعيشْ زمنِ العِميانْ أمْ زمنِ الخُرسْ؟.. مِن هذا البابِ تَجيءُ الريحْ والقولُ صَريحْ افهَمْ يا وطني هل تَفهمْ هذا التلميحْ؟ أتَمُدُّ يديكَ؟ لِمَنْ قُلْ لي؟ للأفعَى؟ فالصوتُ فَحيحْ يا وطني مَيِّزْ ما تَسمعْ صوتُ الكروانِ سيختلِفُ عن صوتِ الريحْ يا زمنَ الأممِ المتحدةْ يا زمنًا أعمى وكَسيحْ تحمي الجَبَروتَ وتنصرُهُ وبرأسِ الضُّعفاءِ تُطيح.. ماتَ آخرُ فُرسانِ هذا الزمانِ واللسانُ الطَّليقُ احتواهُ الخَرَسْ كيفَ تُعطي مفاتيحَ هذا الزمانِ المقدَّسْ لهذا النَّجِسْ؟ قد قرأنا كثيرًا "سورة عَبَسْ" ولَم تَحتَرِس.. كأنَّكَ أدمنتَ هذا الهوانْ تَمدُّ يديكَ وهُم طاعِنوكَ وأُقسِمُ باللهِ لن ينصُروكَ وإنْ صافحوكَ ، وإنْ عانَقوك ففي الظَّهرِ خِنجرُهم يَنغَرِسْ.
- إلى الطفـل الذي رأيتُه يمسحُ زجاج السيارات فالتقت عيني وعينه .. فنزفتُ هذه القصيدة ليسَ هنالِكَ مَن يَهتَمْ، تلكَ وجوهُ الناسِ اعتادَتْ لونَ الدمعْ هذا العالَمُ مُتحَفُ شمعْ كانَ يَدورُ لكي يَستعطفَ قلبَ الناسْ كانَ يُحاولُ..يُفرِغُ كأسَ المُرِّ المُترَعْ، مِن نَظراتِ المَقتِ الدائمِ، لكنْ كانَ يَعودُ لنفسِ الكاسْ.
- مأساتُنا مِن نيلِ مِصرَ إلى الفرات يومَ ارتَضَيْنا أن نَعيشَ على الفُتات صَوتُ البنينَ معَ البناتْ يعلو ويعلو في فِناءِ المدرسةْ نحيا وتَحيا، والرءوسُ مُنَكَّسةْ لتمُرَّ فوقَ رِقابِنا خيلُ الغُزاةْ، كي يَتركوا مِن خلفِهِمْ جُثثَ الضحايا في الطريقِ مُكدَّسةْ.
- شِلَلُ النفاقِ تَجمَّعَتْ قُمْ واستَعِدَّ لكي تُنافِقْ، هذا زمانُ الزمرِ والطَّبلِ والرقصِ فوقَ الحبلِ، ارقُصْ ولو حتى دقائقْ وانفِدْ بِجلدِكَ مِن سِياطِ القهرِ أو حَبلِ المشانِقْ، فارسُمْ على الوجهِ القبيحِ بلاهةً وبِنصفِ وَجهٍ، تبتسِمْ واضرِبْ إذا قالَ المُحدِّثُ أيَّ شيءْ، كفًّا بِكَفْ، قُلْ يا إلهي إنَّهُ نَبعُ الحِكَمْ، هذا زمانُ الخِزيِ والعارِ المُلَثَّمِ بالتُّهَمْ، هذا زَمانُ الأغبياءْ، والوَيلُ كلُّ الويلِ فيهِ لِمَنْ فَهِمْ ، هذا زَمانٌ كيفَ تَنطِقُ فيهِ : لا. إيَّاكَ تَرفُضُ مَرَّةً، عَن كلِّ شيءٍ قُلْ : نَعَمْ. هذا زمانٌ لا تُصاحِبْ فيهِ صاحِبْ، حِصنُ الصحابةِ كالعَدَمْ، فالكلُّ يَلدَغْ، وإذا التفَتَّ إليهِ، صافَحَ وابتَسَمْ. والآنَ يَدخُلُ صاحِبُ الكُرسِيِّ، مَحمولاً على الأعناقِ، والأعناقُ تُحنَى كي تَنالَ الجائزةْ. ويَجيءُ دَورُ البَهلَوانِ وصاحِبُ الكرسيِّ يضحَكْ حتى تَبينَ نَواجِذُهْ. آهٍ .. وآهٍ .. ألفُ آهِ مِنَ النفوسِ العاجِزةْ، مَنْ يَرتَمونَ لِمَسحِ أحذِيَةِ المُلُوكِ، فإنْ مَضَوا، بَصَقَ الملوكُ على أولئكَ مِن خِلالِ النافِذَةْ.
- لكن أياك وأن تغتر، فلأنك ضيف، اعلم إن طالت أيامك لابد وأن ترحل يوما كسحابة صيف. الحب سلام.
- وَصَلْنا إلى آخِرِ الدَّربِ قَهرًا، وما عادَ في الأفْقِ أيُّ اختِيارٍ، فإمَّا نَموتُ .. وإمَّا نَموت أمُدُّ يَدَيَّ لمَن عاهَدوني، وأصرُخُ فيهِم بأنْ يُنقِذوني، وما لِصُراخيَ أيُّ اعتِبارْ.
- دَاوَيتُ جُرحي بالسكوتْ وصَرَختُ في وَجهِ الجميعْ : أنا لَنْ أموتْ ضَحِكوا وقالُوا : مَيِّتٌ يَتَكَلَّمُ.
- وأُحسُّ أنِّي دائمًا أحتاجُ في هذا الزمانِ لِضمَّة مِن أيِّ صّدرٍ أو ذِراعْ. ما عادَ عِندي ما يُقالْ. مُدِّي يَديكِ بِداخِلي وتَحسَّسي قلبي لَعلِّي أطمَئنْ ليسَ الضَّياعُ حبيبتي طِفلاً تَشَرَّدَ في طُفولَتِهِ ولا زَمنًا يَضِنْ، إنَّ الضَّياعَ حبيبَتي، قلبٌ يَذوبُ مِنَ الحنينْ مِن أجلِ قلبٍ لا يَحِنْ.
- ولَقد خَسِرْنا كلَّ شيء فَلقدْ خَسِرْتِ بالعِنادْ، وأنا خَسِرتُكِ بالوُقوفِ على الحِيادْ لَمْ نَجْنِ مِن هذا الجُنونِ حَبيبَتي غيرَ الشعورِ بوحدةٍ لا تُحتَمَلْ. مَن ذا الذي فينا استَفادْ ؟ اليومَ أدرَكْنا ـ وكانَ مُؤخَّرًا ـ أنَّ الذي قد ضاعَ مِن أرضِ المَشاعرِ مُستَحيلٌ أن يُعادْ إنَّ الرمادَ حبيبتي لن يَستحيلَ إلى لَهَبْ مَهما نَفخْنا فيهِ يا أُسطورَتي يَبقَى رَمادْ.
- هذهِ الأرضُ تَثورُ الآنَ غَضبَى كيفَ ما راحَ اغتِصابًا نَرتَضيهِ كَهِبَةْ؟ مَزَّقتْنا التجرِبَةْ لا تَقُلْ لي : إنَّ ما قد فاتَ ماتْ إنَّ ما قد فاتَ .. آتْ كَيفَ تُعطيني قُصاصاتِ الوَرقْ في مَواثيقَ .. ونَنسَى ما سَبَقْ ليسَ معنَى السلمِ أن أرضَى الدَّنيَّةْ كي يَكونَ القهرُ حلاً للقضيَّةْ؟ كيفَ يُعطيني الفُتاتْ وأراهُ الآنَ يَلهو فَوقَ أرضي، وأنا أمضي بِلا حتى هُوِيَّةْ وعندنا المرضى تَموتُ لكي يوفِّرَ موتُهم ثمنَ الدواءْ آهِ يا خمسينَ عامًا يَمتَطونَ ظُهورَنا باسمِ القضيَّةْ .آهِ يا خمسينَ عامًا لمْ أُعانِقْ زوجَتي، كانَ العناقُ لبندقيَّةْ وشَربْتُ شيئًا أصفرًا فنَسيتُكم.
- قالُوا: التَّقشُّفَ قُلتُ أهلاً بالتقشُّفِ للجميع لكنَّهم ضَحِكوا علينا سَكنوا القُصورَ وأسكنونا في القُبورْ قَتلوا الذي فينا يَثورْ. لِمَ تَقتلونَ رَجاءَنا ، وتُصادِرونَ كَلامَنا ؟ لِمَ لو رَفضْنا أيَّ شَيءٍ .تَعلو ملايينُ البنادِقْ ؟ فَزَمانُنا .. نَبْشُ القبورِ الآنَ أصبحَ مِن سِماتِهْ والكلُّ يَكتُبُ ذِكرياتِهْ اللصُّ ، والأفَّاقُ , تُجَّارُ الدَّعارةْ كلُّ الوجوهِ الآنَ صارتْ مُستَعارةْ.هذا زمانٌ تُشتَرَى فيهِ الذِّمَمْ برَغيفِ خُبزٍ أو سِيجارةْ. والصوتُ يَعلو بالتَّهَكُّمِ والسِّبابْ : إنْ قُلتَ لا تَعني نَعَمْ. ما طارَ طَيرٌ وارتَفَعْ ... إلا كما طارَ وَقَعْ. لِمَ كلُّ هذا الاختِلالْ كلُّ التصاريحِ ارتِجالٌ في ارتِجالْ كلُّ الحقائقِ عِندَنا ليستْ تُقالْ قولوا الحقيقةَ مرَّةً يا سادَتي قولوا لَنا : إنَّ الوصولَ إلى كّذا شَيءٌ مُحالْ لِمَ تُوهِمونَ بأنَّنا مثلُ الجِبالْ ؟ لِمَ قد دَفنْتُمْ كالنعامِ رُءُوسَكم بينَ الرمالْ ؟ قولوا الحقيقةَ مرَّةً كي تَصنعوا مِنَّا رِجالْ. وبأنَّني بعدَ انتِهاءِ قصيدَتي سيُكَبِّلونَ يَدي الحديدْ وبأنَّكم يا سامِعينَ قصيدَتي لن تَذكُروني مِن قريبٍ أو بعيدْ ليَموتَ نِصفُ الشعبِ ، كلُّ الشعبِ .. هيَّا أفِقْ وارفُضْ سَراديبَ العبيدْ قُلْ مَرَّةً .. قُلْ في حياتِكَ مَرَّةً .. قُلْها وَمِتْ .. "أنا لا أُريدْ".
- يا مَن عَشِقتِ الآنَ غيري جَرِّبي في العِشقِ حتى تَرتَوي إنَّ التجارِبَ طَعمُها مِلحٌ وطَعمُ المِلحِ لا يَروي غَليلا أسَفي عليكِ لأنَّني مهما يُعذِّبُني الهوى يغدو الرجوع إليكِ شيئا مستحيلا.
- وطَأطِئْ جَبينَكْ فَهم قادِمونَ كَسِربِ الجَرادْ هُمُ الآمِرونَ، وما أنتَ عبدٌ، ولا هُم مُلوكْ ولكنْ أتَوكَ لِيَستعبدوكْ، فقَبِّلْ يَديهِمُ واعلَمْ بأنَّ الغُزاةَ اشتَرَوكَ بشيءٍ رَخيصٍ.. بأن يُطعِموكْ.
- ولا اعتراضْ إنِّي لأعجَبُ دائمًا شعبٌ بهذا القهرِ رَاضْ ! هذا السكوتُ إلى متى، والكيلُ فاضْ ؟. ما عادَ طعمٌ للمرارةِالحَواسْقد عُطِّلَتْ فينا الحَواسْ لا تَنحنِ حتى وإنْ كنتَ المُهانْ لا تَنحَنِ.
- بيني وبينَ النفسِ ألفُ خُصومةٍ مَنْ ذا يُسوي بيننا هذا النزاع؟ قالتْ : أقولُ ولم يَعُدْ يُصغَى إلَيْ .فقدَ الجميعُ فضولَهم نحوَ السَّماعْ